نوح عليه السلام أرسل الله سبحانه وتعالى نوح عليه السلام إلى قومه الذين كانوا يعيشون بكفرٍ شديد، وكانوا يعبدون الأصنام ويتشددون في ذلك، ولهذا كان لابد من تدرج نوح عليه السلام في دعوتهم إلى طريق الحق وتغيير أفكارهم واعتقاداتهم المتعلقة بتلك الأصنام، والأصل في هذه التماثيل أنّها كانت لقومٍ صالحين ورجال مُحبَّبِين إلى الناس، فلما ماتوا عكَفوا حول قبورهم يزورونهم ويتذكَّرون كلامهم الطيب، وبمرور الزمن جاء جيل بعد الجيل الأول زيَّن لهم الشيطان فكرة أن يصنعوا لهم صوراً، ثم تطوَّرت الفكرة إلى أن جعلوا تلك الصور تماثيل ثابتة أبقى من الصور، ثم بعد مجيء أجيال جديدةٍ سلكوا سبيل التطوُّر فعبدوا الأصنام من دون الله.
مراحل دعوة نوح يمر الأنبياء والرسل خلال فترة دعوتهم للناس بالكثير من الصعوبات والعقبات والمواجهات الشديدة، وكذلك الحال خلال فترة دعوة نوح عليه السلام، حيثُ تعرض أثناء هذه الفترة للكثير من الصعوبات، وعمل على دعوة قومه ليلاً ونهاراً، وقد مكث بينهم ألف سنةٍ إلّا خمسين عاماً، وكانت مراحل دعوته لقومه كالآتي:
- دعوة قومة إلى عبادة الله سبحانه وتعالى وحده لا شريك له، وقد حذرهم من عذاب الله الشديد لهم في حال عدم الاستجابة له وقد أصر عليهم لعبادة الله وترك طريق الضلال، فقد قال تعالى: (لَقَدْ أَرْسَلْنَا نُوحًا إِلَىٰ قَوْمِهِ فَقَالَ يَا قَوْمِ اعْبُدُوا اللَّهَ مَا لَكُم مِّنْ إِلَٰهٍ غَيْرُهُ إِنِّي أَخَافُ عَلَيْكُمْ عَذَابَ يَوْمٍ عَظِيمٍ) [الأعراف:59].
- مواجهة نوح عليه السلام لقومه الذين واجهوه بالسخرية منه واتهموه بالضلال والجنون والكذب، وقد حاورهم وأخبرهم بأنه ناصحٌ لهم، فقد قال تعالى: (قَالَ يَا قَوْمِ أَرَأَيْتُمْ إِن كُنتُ عَلَىٰ بَيِّنَةٍ مِّن رَّبِّي وَآتَانِي رَحْمَةً مِّنْ عِندِهِ فَعُمِّيَتْ عَلَيْكُمْ أَنُلْزِمُكُمُوهَا وَأَنتُمْ لَهَا كَارِهُونَ* وَيَا قَوْمِ لَا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ مَالًا ۖ إِنْ أَجْرِيَ إِلَّا عَلَى اللَّهِ ۚ وَمَا أَنَا بِطَارِدِ الَّذِينَ آمَنُوا ۚ إِنَّهُم مُّلَاقُو رَبِّهِمْ وَلَٰكِنِّي أَرَاكُمْ قَوْمًا تَجْهَلُونَ* وَيَا قَوْمِ مَن يَنصُرُنِي مِنَ اللَّهِ إِن طَرَدتُّهُمْ ۚ أَفَلَا تَذَكَّرُونَ) [هود: 28 -30].
- عندما واجه نوح عليه السلام قومه، قام بنفي الضلال عن نفسه وأخبرهم بأنّه ناصحٌ لهم، ولكن فترة الدعوة قد طالت وأخذت وقتاً طويلاً لذلك كان لا بد له من تنوع الأساليب المستخدمة وتدرجها ما بين الرفق واللين والترغيب، ثمّ التأنيب والتوبيخ.
- كان نوح عليه السلام يدعو قومه ليلاً ونهاراً ولكنهم لم يستجيبوا له، وبسبب ذلك فقد يأس نوح عليه السلام من إيمانهم، وقد شكى ذلك لله سبحانه وتعالى ثمّ دعا عليهم، فقد قال تعالى: (قَالَ رَبِّ إِنِّي دَعَوْتُ قَوْمِي لَيْلًا وَنَهَارًا* فَلَمْ يَزِدْهُمْ دُعَائِي إِلَّا فِرَارًا* وَإِنِّي كُلَّمَا دَعَوْتُهُمْ لِتَغْفِرَ لَهُمْ جَعَلُوا أَصَابِعَهُمْ فِي آذَانِهِمْ وَاسْتَغْشَوْا ثِيَابَهُمْ وَأَصَرُّوا وَاسْتَكْبَرُوا اسْتِكْبَارًا) [نوح: 5-7].
- وقد أمر الله تعالى نوح عليه السلام ببناء سفينة، وعندها جاء نصر الله سبحانه وتعالى لنوح عليه السلام، وتحقَّق قدر الله ووعده، فقد أنزل عليهم ماء من السماء وأخرج ماءً من الأرض فأغرقهم واستأصلهم، وأنجى الله تعالى المؤمنين، وبقيت سنةُ الله تعالى فيمن بعدهم، فقد قال تعالى: ﴿قِيلَ يَا نُوحُ اهْبِطْ بِسَلَامٍ مِّنَّا وَبَرَكَاتٍ عَلَيْكَ وَعَلَىٰ أُمَمٍ مِّمَّن مَّعَكَ ۚ وَأُمَمٌ سَنُمَتِّعُهُمْ ثُمَّ يَمَسُّهُم مِّنَّا عَذَابٌ أَلِيمٌ) [هود: 48].